Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

ما هي المرأة

 

بقلم: آلان شليمون

لقد شهد عام ٢٠٢٢ بداية جدل غريب ومدهش حول الإجابة عن سؤال ”ما هي المرأة؟“.. وهذا أمر مدهش لأنه حتى الثواني الأخيرة من التاريخ البشري المنصرم، لم تكن أبدًا إجابة هذا السؤال محل حيرة أو شك. لكن مع ظهور شعار ”النساء المتحولات هن نساء حقيقيات“، وكثير من الناس بدوا في حيرة من أمرهم.

في مارس ٢٠٢٢ رفضت مرشحة المحكمة الدستورية العليا الأمريكية كيتانجي براون ﭼاكسون أن تُعرِّف المرأة حين طُلب منها ذلك.. وكان جوابها: ”أنا لستُ عالمة بيولوﭼية“. هل هذا يعني أن البيولوﭼيين فقط هم مَن يعرفون الإجابة؟ الكثير من العلماء المثقفين يتهربون حينما يُجبرون على تعريف المرأة؛ لأنهم إذا أجابوا بأنها ”أنثى بشرية ناضجة“، فهذا سيستبعد الرجال الذين يصنفون أنفسهم بأنهم ”نساء“. لكن عدم تحليهم بالكياسة السياسية في هذه الإجابة سيزعزع من سمعتهم، وربما ينهي على مستقبلهم المهني.

لقد ظهرت على السطح الكثير من التعريفات للمرأة على مدار السنوات الماضية. ولاحظت أن هذه التعريفات تُصنَّف تحت أحد ثلاثة تصنيفات.. فهي إما تعريفات التفافية، أو عبثية، أو دقيقة.

 

أولاً، بعض التعريفات للمرأة هي تعريفات تتميز بالالتفاف (تصادر على المطلوب). هذه المغالطة تحدث عندما يحاول أحد أن يعرِّف كلمة ثم يستخدم نفس الكلمة التي يحاول وضع تعريف لها. على سبيل المثال، تعريف الطاقة النووية بأنها ”طاقة مستمدة من مصدر نووي“، هو تعريف التفافي؛ لأن الكلمة التي تحاول استيضاحها ”نووي“ تم استخدامها في التعريف أيضًا. أنصار التحوُّل الجنسي كثيرًا ما يقعون في هذه المغالطة حين يعرِّفون المرأة؛ فهم يزعمون أن ”المرأة هي أي أحد يصف نفسه بأنه امرأة“. هذا التعريف التفافي، ويصادر على المطلوب. في النهاية ما هو هذا الشيء الذي يُسمى ”امرأة“، والذي يصف الشخص به نفسه؟ يجب عليهم أن يتجنبوا مصطلح ”امرأة“ في تعريفهم إذا أرادوا أن يقدموا شرحًا مفهومًا.

 

ثانيًا، بعض التعريفات للمرأة هي تعريفات عبثية. مؤخرًا قام محررو قاموس كامبريدﭺ بتعديل في تعريف المرأة كالتالي: ”شخص بالغ يعيش ويصف نفسه كأنثى حتى إذا قيل إنه ينتمي إلى جنس مختلف عند الولادة.“ لاحظ أنهم استبدلوا كلمة ”امرأة“ بكلمة ”أنثى“. وبرغم أن هذا لا يمثل تعريفًا التفافيًا يصادر على المطلوب، إلا إنه يخلق مشكلة جديدة.

مصطلح ”أنثى“ يشير إلى التركيب البيولوجي للفرد، وهو مصطلح يُعبر عن الشخص الذي لديه كروموسومات (XX)، وأعضاء تناسلية تسمح بالحمل والإنجاب. ماذا يعني لرجل لديه كروموسومات (XY) أن يوصف بأنه شخص يمتلك مبايض ورحمًا وثديين بينما ليس لديه هذه الأعضاء؟ هذا عبث!

هذا يشبه إيميل راتيلبان، الشخصية الإعلامية الهولندية والذي يبلغ من العمر ٦٩ عامًا، والذي قرر أن يصف نفسه بأنه يبلغ من العمر ٤٩ عامًا، وطالب السلطات أن يُغيّروا سنه القانوني. هذا عبث! فلا يكفي أي قدر من النية الطيبة أو الهرمونات أو التدخلات الجراحية حتى يجعله أصغر سنًا. بوسعه إجراء تعديلات جمالية لجسده تجعله يبدو أصغر سنًا، لكن لن يصير أبدًا أصغر سنًا. وهذا بسبب أن العمر حقيقة بيولوﭼية لا يمكن تغييرها. بنفس الطريقة، فإن الجنس أو النوع هو حقيقة بيولوﭼية لا يمكن تغييرها. بمقدور الرجل أن يُجري تعديلات جمالية في جسده حتى يبدو مثل المرأة، لكنه لن يصبح امرأة أبدًا.

 

المشكلة الأخرى في التعريف الجديد لقاموس كامبريدﭺ أن المرأة الآن يمكن أن يكون لها ”جنس مختلف عند الولادة“. أي جنس هذا يا تُرى؟ ذَكَر. هذا يعني أن المرأة يمكنها الآن أن تُعرَّف على أنها ما هو عكس المرأة – أي رجل. هذا عبث؛ لأن هذا يجعل كلمة ”امرأة“ بلا معنى، عندما يمكن لشخص من الجنس المخالف أن يكون امرأة. هذا يشبه القول أن الخط المتوازي يمكن تعريفه كخط عمودي. مثل هذه التعريفات المشوشة تجعل معاني الكلمات عبثية.

 

ثالثًا، بعض التعريفات للمرأة هي تعريفات دقيقة. قبل اللحظات الأخيرة من التاريخ البشري المنصرم، كان تعريف المرأة أمرًا لا جدال عليه. وافق الناس على تعريف القاموس: أنثى بشرية ناضجة. وكانوا يعرفون أن النساء لديهن كروموسومات (XX)، بينما الرجال لديهم كروموسومات (XY). وبرغم أن هذا التعريف دقيق، إلا إنه يسبب الكثير من الالتزامات.

أنصار أيديولوﭼية التحول الجنسي ينادون بأنه ليس كل إنسان يمكن أن يُصنف بوضوح كذكر أو أنثى.. لا يولد كل إنسان سواء بكروموسومات (XX) أو (XY). بعض الناس يولدون كحاملين لصفات الجنسين (intersex)، وهو مصطلح يشير إلى الناس الذين يولدون بسمات جنسية ﭼينية أو بيولوﭼية شاذة. على سبيل المثال، بعض الذكور يولدون بكروموسات (XXY)، وهو ما يُسمى بمتلازمة كلاينفلتر (Klinefelter Syndrome)، وبعض الإناث يولدن بكروموسوم (X) واحد فقط، وهو ما يسمى بمتلازمة ترنر (Turner Syndrome)، وبعض النساء يفرزن كميات غير طبيعية -سواء أقل أو أكثر – من الهرمونات المتعلقة بالوظائف الجنسية، في حين أن بعض الإناث يولدن بدون مهبل، وهو ما يُسمى ”عدم تخلُّق المهبل“ (Vaginal agenesis). ولأن هذه الحالات موجودة؛ فهم يجادلون بأن كونك أنثى لا يمكن أن يحدث ببساطة بمجرد امتلاك كروموسومات (XX) أو امتلاك أعضاء مثل الرحم أو المبايض.

 

للعلم، أنا لا أُسلِّم بأن وجود مَن يحملون الصفات الذكورية والأنثوية يمكن أن يلغي التصنيف الثنائي للجنس أو قدرتنا على تصنيف الناس كذكور أو إناث. هناك أشخاص يولدون ﺑﭼﻳنات مشوهة، أو حالات بيولوﭼية شاذة، وهؤلاء يمثلون حالات خاصة داخل التصنيف الثنائي للجنس، أي تصنيف الذكر والأنثى. نعم، بعض الناس لا يتضح على الفور عند ولادتهم هل هم ذكور أم إناث.

بحسب دراسة قامت بها المعاهد القومية للصحة، توجد حالة في كل ٢٠٠٠- ٤٥٠٠ حالة ولادة، حيث يُولد طفل بأعضاء جنسية غير واضحة.. وهذا عدد ضئيل جدًا. بكلمات أخرى، الغالبية الشاسعة من المولودين يولدون إما كذكور أو إناث بشكل واضح. وفي الحالات النادرة عندما يكون جنس الطفل غير واضح في الولادة، فإنه يمكن معرفته بالاختبارات اﻟﭼﻳﻧﻳة، والموجات فوق الصوتية، وأجهزة أخرى قادرة على ذلك.

ورغم أن وجود أفراد يحملون صفات الجنسين لا يلغي التصنيف الثنائي للجنس، من الهام أن نصيغ تعريفًا ”للمرأة“ يمكن أن يتضمن الطيف الواسع للتنويعات الموجودة بين النساء. فيما يلي تعريف قمت بصياغته: المرأة هي كائن بشري ناضج له جسد مصمم حول وظيفتين ذات صلة: 1- إنتاج وتخزين وتوصيل البويضات، 2- الحمل بكائن بشري آخر. والرجل، على نفس المنوال، هو كائن بشري ناضج له جسد مصمم حول إنتاج وتخزين وتوصيل الحيوانات المنوية.

لاحظ أهمية عبارة ”مصمم حول“. نعم، المرأة قد يكون لديها ﭼﻳﻧات مشوهة أو تشريح جنسي غير طبيعي، لكن هذا لا يلغي التصنيف كامرأة. وحتى إذا غاب عضو أو أكثر من أعضائها الجنسية أو تمت إزالته (مثل عمليات استئصال الثديين أو الرحم)، فإن جسدها لا يزال مصممًا حول استخدام البويضات والحمل بكائن بشري آخر.

 

هذا التعريف له فائدة إضافية، وهي توضيح إجابة سؤال آخر: كيف نعرف أن هناك جنسين فقط؟ بعض أنصار التحول الجنسي افترضوا أنه طالما أن هناك أفرادًا لديهم صفات الجنسين (فليس الجميع إما XX أو XY)، فإن هناك أكثر من جنسين، أو أن الجنس هو عبارة عن طيف واسع وليس شيئًا محددًا. غير أن هذا الكلام ليس علمًا حقيقيًا بل مزيفًا. نحن نعرف أن هناك جنسين فقط؛ لأنه يوجد فقط نوعان من الجاميتات (الخلايا الجنسية) التي يمكن للإنسان إنتاجها.. إما أن يخلِّق جسدك الحيوانات المنوية أو يخلِّق البويضات. لا توجد خلايا جنسية أخرى يمكن للجسم البشري أن ينتجها. ولو وُجد نوع ثالث من الجاميتات، في هذه الحالة يصح لنا أن نقول بوجود جنس ثالث. ومع ذلك، لا يوجد هذا النوع الثالث، ولهذا السبب لا نعرف سوى جنسين فقط.

بعض الأشخاص لا يستطيعون إنتاج الحيوانات المنوية أو البويضات (سواء بسبب أنهم يحملون صفات الجنسين أو ليس لديهم بعض الأعضاء الجنسية الهامة)؛ لكن هذا ليس له علاقة بإلغاء فهمنا بوجود جنسين فقط، وإنما يعني هذا أنهم يولدون بعيوب جسمانية تمنع نضوج أعضائهم الجنسية الذكرية أو الأنثوية. ولا يعني هذا أنهم يمثلون جنسًا آخر. فكِّر في الأمر كالتالي: إذا ولد شخص بدون أحد الساقين، هذا لن يلغي تصنيف البشر على أنهم يسيرون على ساقين، بل يعني فقط أن هذا الشخص تحديدًا قد وُلد بعاهة أو تشوه، أي بساق واحدة بدلاً من اثنتين.

 

هناك اعتراض آخر أريد التعرض له.. بعض الناس يرفضون تعريفي هذا للمرأة لأنهم يزعمون أنه يقلل من المرأة ويختصرها في ”أعضائها التناسلية الإنجابية“. هذا النقد يفشل في استيعاب أن هذا التعريف لا يهدف إلى وصف كل شيء يتعلق بالمرأة، بل يهدف فقط في تحديد المعنى الأساسي لكلمة ”امرأة“، ويوفر لنا السمات الجوهرية التي تميز بين المرأة والرجل. بالطبع، كل امرأة هي أكثر من مجرد كائن بشري أنثوي ناضج له جسد مصمم بهدف الإنجاب والتربية. كل امرأة لها شخصيتها، ومواهبها، وعلاقاتها الخاصة.. هي متفردة بين ٤ مليارات من النساء الأخريات على هذا الكوكب.

من المذهل جدًا أن تعريف المرأة يتعرض للجدل في أيامنا هذه. لقد مضى وقت طويل ولم يُطرح هذا السؤال. وهذا ليس معناه أنه لم يوجد مَن يعرف الإجابة – بل افتراضيًا الجميع كانوا يعرفون الإجابة. والأكثر من ذلك، لم يوجد مَن تشكَّك في الإجابة. نحن نعيش في عالم مختلف الآن. الناس الآن لا يحترمون مرجعية الواقع الخارجي بقدر ما يمنحون مصداقية لمشاعرهم وأفكارهم الداخلية الخاصة. لهذا السبب يمكن للمرأة أن تكون رجلاً يصف نفسه بأنه امرأة. عندما يكون مثل هذا التعريف مقبولاً من قطاع عريض من الناس، فهذا ينذر بأن ثقافتنا في حالة فوضى كاملة تتعلق بالهُوية.

رغم أن ثقافتنا مشوشة، فإننا لسنا مضطرين أن نكون في حيرة وشك. بوسعك أن تعرف الحقيقة، ولا يمارس عليك ضغط بتبني ابتداعات حديثة. لقد جعل الله تعريف المرأة واضحًا من خلال كل من إعلانه الخاص (الكتاب المقدس)، وإعلانه العام (الخلق). الله خلقها هي، والله خلقه هو أيضًا.. «ذكرًا وأنثى خلقهما».

 


Translation © 2023 Eagles Group. All rights reserved. Originally published in English, “What Is a Woman?” by Stand to Reason, © 2023 Alan Shlemon, Used by permission.