بقلم: كارول كوبي
من الهام أن تعرف الاختلافات بين الصبيان والبنات بشأن كيف يميل كل منهم إلى تقديم الحب واستقباله.
عندما تعرف أفضل طريقة يعطي ويحصل بها ابنك أو ابنتك على الحب، فهذا يساعده ويساعدها على الاطمئنان بأنه يعرف أنه غالي في عينيك.
يمثل إظهار الحب الثابت وسيلة جميلة لدعوة أبنائنا إلى علاقة مؤسسة على الثقة والحب. الحب الثابت لا يتزعزع، ولا يتغيَّر أبدًا. يرسم الكتاب المقدس صورة مفصلة عن كيف يُظهر الله حبه الثابت، وكيف نستطيع أن نجسِّد هذا الحب للآخرين، وخاصة لأبنائنا. ولذلك من الهام لنا كوالدين أن نفهم الاختلافات بين الصبيان والبنات، وأفضل طريقة يقدمون ويستقبلون بها الحب.
يخبرنا سفر التكوين: «فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ» (تكوين ١: ٢٧). من الواضح أننا خُلقنا بشكل مختلف كذكور وإناث، وهذا شيء مقصود ويعبر عن الجمال. لقد منح الله كلاً من الذكور والإناث طرقًا متفردة في التفاعل مع هذا العالم. وبسبب هذا سيجسِّد الأمهات والآباء الحب الثابت لأبنائهم بطرق مختلفة لكنها متساوية في الأهمية. بالمثل، هناك اختلافات بين الصبيان والبنات؛ فأبناؤنا سيميلون إلى إعطاء الحب واستقباله بطرق تعكس الذكورة والأنوثة.
البحث عن الحب الثابت
هل أبي وأمي متاحان دائمًا لي؟ هل تلمع أعينهما عند رؤيتي؟ هل أحتل مكانة خاصة في قلب ماما وبابا لا يشاركني فيها شخص آخر؟
يحتاج الأبناء من الجنسين أن يعرفوا أن لهم قيمة ثمينة عند والديهم. يحتاج الأطفال أن يعرفوا أنه لا يوجد شيء يمكن أن يفعلوه حتى يحصلوا على محبة والديهم، وليس هناك شيء يمكن أن يجعلهم يخسرون هذا الحب. ومثل محبة الله لنا، لا بد أن يكون هذا الحب متاحًا دائمًا.
دعنا نستكشف كيف تؤثر الاختلافات بين الصبيان والبنات على احتياجهم المعتاد للشعور بأنهم محبوبون. إن فهم ما يحتاجونه سيساعدنا على معرفة كيف يجسدون الحب الثابت للآخرين.
عن البنات
ماذا تحتاج الابنة لتشعر بالحب؟
- الاتصال.. البنات تهتم بالمقام الأول بهل هي على اتصال مع الأشخاص المحيطين بها أم لا. البنت تشتاق إلى الحميمية العاطفية في علاقاتها. يذكر جلين ستانتون في كتابه Secure Daughters, Confident Sons أن ”الحميمية هي هدية يمنحها البنات للآخرين ويحصلن عليها من الآخرين. وسيحددن مَن هو الشخص الآمن والجدير بالثقة لإعطائه هذه الحميمية، الجسدية أو العاطفية أيضًا.. في الواقع، المحبة والصداقة لا يمكن تعريفهما إلا بالحميمية الحقيقية عندما تمنح بحرية.“
- الجماعة.. تميل الفتيات إلى وضع أهمية كبرى على الأشخاص الذين في دائرتهن. مشاركة الخبرات مع صديقاتها وعائلتها يساعدهن على الشعور بالاحتواء والحب. الصداقات التي تعقدها الفتاة في سن صغيرة يمكن أن تضع الأساس لصداقات ثرية ومشبعة لبقية حياتها.
- التواصل.. الفتيات في المعتاد أكثر تواصلاً بالألفاظ مقارنة بالصبيان، ويملن إلى رسم صورة بالكلمات. التحدث هو وسيلة هامة للغاية لهن لاستيعاب المعلومات ومشاركة أفكارهن. عندما تشارك ابنتك بأفكارها ومشاعرها معك، فهي تحتاج أن تشعر أنها تُسمع. تأييد مشاعر ابنتك أمر ضروري في إظهار حبك الثابت لها.
- التشجيع.. تحتاج الابنة إلى تشجيعها لشخصها وليس لأي شيء آخر. يصف جلين ستانتون هذا الأمر جيدًا: ”لقد منح الله ابنتك مزيجًا من المواهب والإمكانيات والشغف والسمات الشخصية التي لا يوجد أحد يشاركها فيها في كل العصور؛ إنها مذهلة بشكل خارج عن كل التوقعات.“ تحتاج ابنتك أن تعرف أنها جميلة، ولكنها تحتاج أيضًا أن تعرف أنها ذكية وقوية. احرص على امتداحها حين تقوم باختيارات حكيمة. احرص على الثناء عليها عندما تقوم بأداء رائع، أو عندما تكتسب أو تطور مهارة خاصة. زِد من ثقتها في نفسها وفي شخصية المرأة التي تكتسبها تدريجيًا وستصبح عليها.
- الأمان.. تحتاج الفتيات إلى الشعور بالأمان في حياتهن. عندما تُظهر لها حبًا ثابتًا فهذا معناه حمايتها من الخطر، وتوفير الأمان الجسدي والعاطفي في حياتها اليومية. وعندما تعرف أنها آمنة معك سيساعدها هذا على زيادة شجاعتها وثقتها في نفسها، ويجعلها تنفتح على العلاقات مع عائلتها وآخرين.
- التودد الملموس.. الفتيات مثل الصبيان يحبون أن يحصلوا على لمسة جسدية ملائمة. والأحضان بصفة خاصة لها مفعول كبير في مساعدة الفتاة على الشعور بالتواصل مع والديها.
كيف تعبّر الفتاة عن الحب الثابت
- لفظيًا: كما ذكرت سابقًا، تميل الفتيات إلى نمط التواصل بالألفاظ. قد تختار ابنتك أن تظهر حبها الثابت بتشجيع الآخرين من خلال الكلمات التي تقولها.
- بالحنان وتقديم الرعاية: تميل البنات إلى التحلي بالحنان وتقديم الرعاية بشكل تلقائي للآخرين. ربما تميل ابنتك إلى إظهار ميولها لتقديم الحنان خلال اللعب بأن تؤدي دور ”أم“ لدميتها، أو تحاول الاهتمام بشخص مريض أو مصاب. تميل الفتيات إلى الوعي بمشاعر الآخرين، وربما تختار التجاوب معهم بطريقة فيها الكثير من الرعاية والاهتمام حتى تظهر الحب.
عن الصبيان
ماذا يحتاج الصبي ليشعر بالحب
- أن يصنع فرقًا.. يريد الأولاد أن يصنعوا فرقًا في العالم يومًا ما. يحتاج ابنك أن يعرف أنه مهم وأنه يصنع تأثيرًا. ويريد أن يعرف العالم أنه قوي وذكي وقادر. يذكر جلين ستانتون: ”إذا لم يحصل (الأبناء الصبيان) على القبول والشعور بأهميتهم، ومن الأب في المقام الأول، فإنه سيسيطر عليهم اللهث وراء الاهتمام بقية حياتهم –وعادة بطرق غير سوية، وتتضمن التلاعب أحيانًا.“ احرص على أن تمتدحه حين يصنع تأثيرًا إيجابيًا، أو حين يجيد صنع أي شيء. أخبره عندما يتحلى بالحكمة في أحد المواقف، أو حين يُظهر مهارة في شيء يفعله. شجعه، وزِد من ثقته بنفسه.
- الاحترام.. يحتاج الصبيان إلى أن يشعروا بأنهم ينالون احترامًا. الفتى سيضع قيمة كبيرة بشكل خاص على الاحترام الذي سيحصل عليه من والديه. الحصول على الاحترام من الإخوة والأصدقاء هو أيضًا هام جدًا لثقته في نفسه. وبالمثل، تعليمه بأن يُظهر الاحترام لمَن حوله سيساعده على النمو في إظهار الحب الثابت تجاه الآخرين.
- الانضباط.. يحتاج الصبيان إلى الشعور بالانضباط، ويحتاجون إلى معرفة الصواب ليفعلوه والتوقيت الصائب لفعله. كما يحتاج الفتى أن يُستدعى الخير الذي في داخله، ويُشجع على الأداء الأفضل حين يقصِّر. من الهام للوالدين أن يشجعا رجولة ابنهما ويؤكدا له أنه ذكي وقوي، وأن يمتدحا نقاط القوة فيه، ويشجعاه على تحسين الجوانب التي تحتاج إلى مزيد من النضوج.
- القيادة.. يميل الصبيان إلى الرغبة في أن يراهم الآخرون كقادة. القيادة هي وسيلة يحصلون بها على الاحترام من الكبار ومن أقرانهم. يحتاج الصبيان إلى أن يتعلموا القيادة الخادمة، خاصة من والديهم، حتى ينضجوا بشكل فعال في جانب القيادة. بوسع الأب أن يعلِّم ابنه الاستعداد للمواقف والتعامل معها حين تظهر الحاجة لذلك. على سبيل المثال، إذا اجتمع الناس لدراسة الكتاب المقدس ولا يوجد ما يكفي من الكراسي، ربما يذهب ويحضر المزيد من الكراسي. فيتعامل مع الموقف بدون انتظار شخص آخر ليتولى الأمر. كذلك كسر الحواجز المتصورة عن الأدوار الخاصة بالجنسين هو مهارة قيادة هامة يجب على الأب أن يعلمها لابنه. على سبيل المثال، قد يقوم هو بتنظيف المادة أو غسل الأطباق بعد تناول العشاء. عندما نظهر قلب خادم في هذه التصرفات سيساعد هذا الابن على تعلُّم خدمة الآخرين كتعبير عن الحب الثابت.
كيف يعبّر الفتى عن الحب الثابت
- الأفعال: يميل الصبيان إلى التواصل لفظيًا أقل من الفتيات. عندما يتحدث ابنك، فعلى الأرجح فهو يتحدث بشكل مباشر وفي المضمون. يميل ابننا إلى إظهار الحب والدعم بالأفعال أكثر من تشجيع الآخرين بالكلام. قد يقوم بأفعال تدل على الخدمة، أو إعطاء حضن، أو قضاء وقت متميز ليظهر حبه.
- التركيب والإصلاح: يميل الفتيان إلى حب تركيب وإصلاح الأشياء. قد يظهر ابنك الحب بمحاولة إصلاح الأجهزة المعطلة أو ابتكار بعض الأشياء. على سبيل المثال، قد يحاول لصق طبق مكسور، أو ربما يبتكر عملاً فنيًا لأمه في عيد ميلادها.
- الحماية: خلق أبناؤنا الصبيان ليكونوا حماة. فالفتى سيريد بشكل خاص أن يتأكد من أن عائلته آمنة ومستقرة. على سبيل المثال، قد يظهر ابنك محبته بالاهتمام بالتأكد من غلق أبواب البيت جيدًا قبل أن تنام العائلة.
ماما وبابا متفردان أيضًا
الأمهات والآباء خلقوا بمواهب مختلفة ومتفردة تمامًا مثل أبنائنا وبناتنا. سيكون للأمهات والآباء طرق مختلفة في تجسيد الحب الثابت لأبنائهم بسبب الطرق المتفردة التي خلق عليها الله الذكور والإناث.
يؤكد جلين ستانتون: ”يحتاج الأطفال إلى اختبار الحب الثابت من أبيهم كرجل. كذلك يحتاجون إلى اختبار الحب الثابت من أمهم كامرأة.“ وما يقدمه كل أب/ أم -كرجل أو امرأة- هو في غاية الأهمية لنمو ونضوج أبنائهم. الطرق المختلفة التي يعبّر بها الأب والأم عن الحب الثابت لأبنائهما ستساعد على نضوجهم ليصيروا بالغين يتحلون بالثقة بالنفس. لكن ليس هناك أهم من الإظهار لأبنائكم أنه لا شيء أغلى في الحياة منهم بالنسبة لكم. دَع أطفالك يعرفون أن لديهم الحرية في اللجوء إليك في أي وقت وتحت أي ظروف؛ لأنهم لا يدخلون في مقارنة مع أي أحد آخر.
الحب الثابت خلال الأوقات الصعبة
المواقف الصعبة في الحياة تمثل فرصة لتعليم الأبناء كيف يجسدون الحب الثابت للآخرين. عندما تبرز هذه الظروف لا ينبغي أن نتوقع من الصغار أبدًا أن يحملوا جزءًا من العبء. لكن يمكن تشجيع أبنائنا وبناتنا على إظهار التعاطف نحو أحد الوالدين بعد وفاة الجد أو الجدة، أو حتى مع أحد أخوته في مرضه أو بعد أي حادث مؤلم. إن تجسيد التصرفات المتعاطفة، سواء بإعطاء حضن أو القيام بخدمة ما، هي وسيلة رائعة لإظهار الحب الثابت للعائلة.
إن الاختلافات بين الصبيان والبنات يمكن أن تؤثر على اختيارتهم في إظهار الحب للآخرين. اسأل ابنك أو ابنتك عما يحبون فعله لإظهار الحب تجاه شخص ما في مثل هذه المواقف. ادعمهم أثناء تعلُّمهم لهذا الأمر، وشجع صغارك على إظهار التعاطف والاهتمام.
خاتمة
خُلق أبناؤنا بجمال رباني ليظهروا الحب الثابت ويحصلوا عليه بطرق متفردة. معرفة الفوارق بين الصبيان والفتيات، وما هي أفضل طريقة لابني أو ابنتي في إعطاء الحب واستقباله، سيساعدهم على التأكد من معرفة أن لهم قيمة غالية في عينيك. من خلال محبتك الثابتة، أنت تعلِّم أبناءك أنهم محبوبون من الله.
© 2023 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Originally published in English at focusonthefamily.com.
مقالات ذات صلة:
 |
 |
 |
|
|
|
|
