Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

        

هل انا سي السيد في بيتي ٦ inside

 

بقلم: سامي يعقوب

المزيد من هذه السلسلة:

  هل أنا «سي السيد» في بيتي؟! (١)       هل أنا «سي السيد» في بيتي؟! (٢)      هل أنا «سي السيد» في بيتي؟! (٣)

 هل أنا «سي السيد» في بيتي؟! (٤)        هل أنا «سي السيد» في بيتي؟! (٥)     هل أنا «سي السيد» في بيتي؟! (٦)

      

كيف تكون رجلاً لزوجتك، وليس رجلاً عليها؟ الإجابة الأمينة على هذا السؤال قد تُحدث فرقًا هائلاً في استقرار حياتك الزوجية، ومقدار السعادة التي يمكن أن تملأ بيتك، وتفيض لتؤثر في كل مَنْ هم حولك.

       أنا لا أتجنى على الرجال، لكني أشعر بالحزن والألم في كل مرة أسمع فيها عن علاقة متدهورة بين زوجين، ويكون السبب في ذلك هو الفهم الخاطئ لما تعنيه الرجولة بالنسبة للزوج، والتي يختزلها البعض في نموذج سلوك «سي السيد» الذي يحاول أن يحقق ذاته بالتحكم في زوجته والسيطرة عليها، والتقليل من شأنها، بل وإهدار كرامتها.. يلومها دائمًا، ولا يعترف بأخطائه أبدًا؛ ببساطة لأنه رجل، والرجل لا يخطئ، كما لا يُراجَع فيما يقوله أو يختاره!

       الزواج لا يصنع رجلاً، ولا إنجاب الأطفال أيضًا.. الوظيفة أو الوجاهة الاجتماعية، ولا حتى كل مال الدنيا، يمكن أن تصنع الرجال! فبالرغم من أن كل هذه الأمور تمنح الرجل فرصة للتعبير عن رجولته، لكن في النهاية الرجل رجل لأن الله خلقه هكذا! مقياس الرجولة الحقيقية هو قول الرب: «وجدت داود ابن يسى رجلاً حسب قلبي» (أعمال ١٣: ٢٢).

       في رسالته إلى كنيسة كولوسي، يستعرض الرسول بولس مقارنة قوية بين شخصيتين من الرجال لا ثالث لهما. فيقول بحسم لكل الذين يسلكون على مثال «سي سيد»: «أما الآن فتخلصوا من كل ما فيه غضب ونقمة وخبث وشتيمة.. لا تتلفظوا بالكلام البذيء، ولا يكذب بعضكم على بعض؛ لأنكم خلعتم الإنسان القديم وكل أعماله، ولبستم الجديد الذي يتجدد في المعرفة على صورة خالقه» (كولوسي ٣: ٨ – ١٠ الترجمة العربية المشتركة). ولكل زوج يريد أن يكون «رجلاً بحسب قلب الله» يقول مشجعًا: «وأنتم الذين اختارهم الله فقدسهم وأحبهم، البسوا عواطف الحنان والرأفة والتواضع والوداعة والصبر.. احتملوا بعضكم بعضًا، وليسامح بعضكم بعضًا إذا كانت لأحد شكوى من الآخر. فكما سامحكم الرب، سامحوا أنتم أيضًا. والبسوا فوق هذا كله المحبة؛ فهي رباط الكمال. وليملك في قلوبكم سلام المسيح، فإليه دعاكم الله لتصيروا جسدًا واحدًا (في الزواج)» (كولوسي ٣: ١٤).

       المقارنة بين الشخصيتين ترتكز على الفعلين: «اخلعوا»، و«البسوا». ربما ليست هناك حاجة للتعليق على ما ينصح به الرسول الرجال أن يتخلصوا منه. بينما اللغة الأصلية التي كُتب بها النص تأخذ السلوكيات التي يريدنا الله أن نلبسها، ولا تفارقنا كما تلاصق الملابس أجسادنا، إلى بعدها التطبيقي. «عواطف الحنان» تشير إلى قلب لا يعرف الأنانية، مملوء بالمحبة والاهتمام. «الرأفة» تعني الاستقامة الأخلاقية، وهي كلمة تشير إلى الطريقة التي نعامل بها الآخرين. «التواضع» هنا يعني الإقرار بحقيقة أننا خطاة نحتاج لمخلِّص، وإن كان الأمر كذلك، فلا مجال إذن للسلوك بكبرياء وتعالٍ مع الذين نعيش بينهم. كلمة «الوداعة» في هذا النص لا تعني الخوف أو الخجل، بل التعامل برقة ورفق بدلاً من ممارسة القسوة.. الشخص الوديع هو الذي يتحكم في انفعالاته فلا يسيء للآخرين متى دعته قدرته عليهم. «الصبر» هنا يشير إلى محاولة تفهم الآخر، وتقدير مشاعره، وعدم الاندفاع في تفسير الدوافع التي لا يُعبر عنها بالكلام.

من مفكرتي عن الزواج ٢

       تحت عنوان "أزواج سعداء" قدم البرنامج التليفزيوني ”الستات ما يعرفوش يكدبوا“ (قناة سي بي سي) حلقة مثيرة في الأسبوع الماضي عن زوج تبرع ب ٦٠٪ من كبده لزوجته التي تليَّف كبدها حتى ينقذها من موت محقق. لم يكن زواجهما، الذي لم يكن قد مضى عليه أكثر من ثلاث سنوات عند إجراء العملية، هو الأول لكليهما.. كما لم تكن هي أم أولاده. بالرغم من ذلك فالرجل، واسمه رامز، قدم نموذجًا للمحبة والوفاء يُضرب به المثل.

       لقد تابعت الحلقة من خلال اليوتيوب بعد أن حدثتني زوجتي عنها، ورأيت أن رامز يجسد بشكل عملي قول السيد المسيح: «ليس لأحد حب أعظم من هذا؛ أن يضع أحد نفسه من أجل أحبائه» (إنجيل يوحنا ١٥: ١٣). في رأيي أن مثل هذ النموذج من الرجولة المضحية، والتي تخاطر بلا تردد بكل ما لديها من أجل حياة وسعادة مَنْ يحبون، تجعل أصحابها غير بعيدين عن ملكوت الله.

       ربما لن يجد الكثيرون منا أنفسهم في يوم من الأيام أمام الاختيار أن يخاطروا بحياتهم من أجل أن يعطوا فرصة حياة ومزيدًا من العمر لزوجاتهم؛ لكني أعتقد أن كل مَنْ يريد أن يكون رجلاً لزوجته وليس رجلاً عليها في حاجة لأن يختلي بنفسه لبعض الوقت، ويفكر بصدق وعمق في سلوكه مع زوجته وأسرته، وأن يحكم على أفعاله على قياس صفات الشخص المسيحي التي استعرضها الرسول بولس في رسالة كولوسي.

       الرجولة الكاذبة تسيء لشخصك أولاً قبل أي شخص آخر. التحكم في زوجتك، وإذلالها، وكسر خاطرها، وعدم الاهتمام بمشاكلها، وبما تواجهه في الحياة، ليس من الرجولة في شيء. في النهاية أنت المسؤول عن تحول زوجتك عنك، ولو في قلبها، دون أن تُعبر عن ذلك صراحة. أنت المسؤول عن تمسكها بعلاقة حب ودفء واحترام متبادل معك تستمر لمدى العمر، أو أن تجعلها تعيش معك مُجبرة كمَنْ يقضي أيامه يأكل ويشرب لأنه غدًا يموت! اختر لنفسك ما شئت؛ فالقرار بين يديك وحدك.

       "لا حياة لمن تنادي" تعبير في اللغة العربية يُستعمل للدلالة على أن الشخص الذي يُوجه له النداء لا يُعير الموضوع أي اهتمام، أو لا يصدر عنه أي رد فعل.. تُرى هل هناك مَنْ يتجاوب مع ندائي هذا؟


 (نُشر بجريدة وطني بتاريخ ١٨ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٨)

Copyright © 2018 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.