Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

بقلم: روبرت فيلاردي

للمزيد من هذه السلسلة:

                        ١- الصلاة وما تتركه من تأثير         ٢- إمكانية الصلاة دائمًا     ٣- الصلاة لها أسبابها

                                  ٤- التعلم من صلوات الرب يسوع     ٥- إشكاليات أمام الصلاة

 

معظمنا واجه تحديات ومشكلات في حياة الصلاة بدرجات متفاوتة.. ربما لم يستجب الله صلواتنا، أو ربما واجهنا معضلة أخلاقية مثل هل يجب أن نصلي من أجل أعدائنا أم ضدهم؟ وربما نتساءل هل تستحق الصلاة كل هذا الارتباك؟ في النهاية إذا كان كل شيء سيحدث وفقًا لمشيئة الله، فلا يمكن لصلواتنا أن تغيِّر شيئًا لدى الله، أليس كذلك؟ في هذا المقال سنتعرض إلى هذه الأسئلة من وجهتي النظر المنطقية والكتابية.

 

هل يجب أن نصلي لأجل أعدائنا؟

هل يستحق أعداؤنا أن نصلي لأجلهم؟ حل هذه الإشكالية سهل وصعب في نفس الوقت. الحل السهل يكمن في كلام المسيح ذاته كما ورد في الكتاب المقدس: «سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك. وأمّا أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم...» (مت ٥: ٤٣ و٤٤). لكن هذه الوصية بأن نحب ونصلي لأعدائنا تمثل إشكالية بالنسبة لنا في بعض الأوقات؛ لأن ميلنا الطبيعي يدفعنا لعدم الصلاة لهم. لكن كلما سعينا للتمثُّل بالمسيح أكثر، فإننا ننمو ونصل إلى مستوى من النضوج يُمكننا من أن نحب ونصلي لأعدائنا.

 

هل يجب أن نصلي ضد أعدائنا؟

لكن ألا يدعم الكتاب المقدس الصلاة ضد أعدائنا أيضًا؟ فعلى سبيل المثال يتردد في سفر المزامير أحيانًا صلوات تطلب من الله هزيمة الأعداء. من الناحية الكتابيّة، بمقدورنا أن نصلي من أجل الانتصار على أعدائنا، مع الالتزام بمحبة أعدائنا في نفس الوقت، فليس من الضروري أن نطلب الانتصار على أعدائنا وقلوبنا تمتلئ بالحقد والكراهية تجاههم.

يجب أن نصلي من أجل هزيمة أعدائنا بتوجُّه قلبي صحيح- أي الرغبة في رؤية امتداد ملكوت الله، وليس لإشباع ضغائن مريضة. الله عادل، لكنه رحيم أيضًا. لذلك فإن الصلاة من أجل أن يسود عدل الله على الأعداء هي شيء صحيح. يجب علينا أن نتذكر دائمًا أنه في بعض الأحوال ليس أعداؤنا هم رفقاؤنا من البشر بل هم «أجناد الشر الروحيّة في السماويات» (أف ٦: ١٢).

 

ماذا لو تعارضت صلوات البشر؟

ماذا لو صلى شخصان لأجل أمرين متناقضين؟ هل الله يلعب النرد ليقرر الاستجابة لأحدهما دون الآخر؟ لا، الله ليس عشوائيًا. في الواقع، إذا تعارضت الصلوات ربما يقرر الله ألا يستجيب أيًا منها، لكن يمكنه أن يستجيب أحدهما لأسباب معينة دون الأخرى. لماذا؟ هذا أمر ليس لدينا إجابة عليه في كل الظروف. نحن عادة ما نرى جزءًا من اللوحة المطرزة التي ينسجها الله عبر التاريخ وفي حياتنا. ليس من السهل علينا أن نفهم هذا، خاصة إذا تصادف أن صلواتنا هي التي لم تُستجب، لكن بمقدورنا أن نطمئن أن مشيئة الله لم تُبطل. إنه ببساطة لديه خطط أخرى لأجلنا؛ لهذا يجب أن نثق في أنه يفعل دائمًا ما هو لخيرنا على المدى البعيد.

 

هل يسمع الله صلاة كل أحد حتى إذا اتبعوا ديانات أخرى؟

هل يسمع الله صلوات المسيحيين فقط؟ أم صلوات المُخصلَّين فقط من المسيحيين؟ ماذا عن الناس من أديان أخرى؟ هل يسمع الله صلواتهم أيضًا؟

الإجابة اللاهوتية على هذا السؤال هي نعم، الله العارف بكل شيء يسمع صلوات الجميع.. لذا فهو يسمع صلوات المسيحيين وغير المسيحيين على حَد سواء. لكن سماع الصلوات واستجابتها أمران مختلفان. لو استجاب الله لصلوات شخص في منظومة دينية باطلة، يمكن أن نخمِّن أن الله سيفعل هذا بشرط أن تقود استجابته هذا الشخص ليقترب أكثر إلى الحق أو ليبتعد عن الباطل.

من ناحية أخرى، في بعض الأحيان قد ينسب أحد المعتنقين لدين آخر-أو حتى شخص مسيحي- شيئًا على أنه استجابة من الله لصلاته، ولا يكون الأمر هكذا بالضرورة. فربما هناك سلسلة من الظروف أدت إلى ما يعتقده هذا الشخص على أنه استجابة للصلاة مع أنه في الواقع غير ذلك. هذا بالطبع أمر صعب، إن لم يكن من المستحيل، تحديده، ولا يجب أن يقودنا إلى الشك في عمل الله في حياتنا.

ومع ذلك، مع الافتراض بأن هذه الاستجابة الظاهرية للصلاة ليست ضِد مشيئة الله الواضحة المُعلنة، ومع الافتراض بأن هذه الاستجابة تقودنا لنقترب أكثر إلى الحق وإلى الله، مِن ثمَ لا يوجد سبب حقيقي يجعلنا نتشكك في تعاملات الله في حياتنا.

 

الصلاة والأمثال: أمور مطلقة أم خطوط إرشادية؟

أكثر من أب أو أم مسيحية يتأسى لأن أحد أبنائه لم يعرف المسيح أو اختار طريقًا خطرة في الحياة. سفر الأمثال يقول: «ربِّ الولد في طريقه، فمتى شاخ أيضًا لا يحيد عنه» (أم ٢٢: ٦). لكن ماذا لو فعلت كل ما في وسعك كأب/ أو أم مسيحي ومع ذلك انحرف ابنك/ ابنتك عن الإيمان؟

هذه الإشكالية الظاهرية في الصلاة لها علاقة بكيف نقرأ أو نفسّر الحِكم الواردة في سفر الأمثال. هذا السفر يقدّم حكمة غنية، لكنه يفعل هذا من خلال تقديم مبادئ وإرشادات صحيحة بشكل عام، وليست وعودًا مطلقة. عندما ننظر للسفر من هذا المنظور، نقدر أن نستخلص نصائح نافعة كثيرة منه، لكن هذه النصائح لم يُقصد لها بأن تصبح "شيكًا على بياض".

في حالات انحراف الأبناء عن الإيمان، هذا أمر يتجاوز حدود تأثير الوالدين أو سيطرتهم؛ فالأبناء يقومون باختياراتهم الخاصة. نحن كوالدين بمقدورنا أن نفعل كل ما بوسعنا، لكننا في النهاية لا نستطيع أن نأخذ قرارات خاصة بالله نيابة عن أبنائنا.

 

إذا كنا لا نستطيع أن نغيّر مشيئة الله، فما الداعي من الصلاة؟

هذه إشكالية شائعة عن الصلاة. يبدو الاعتراض منطقيًا للوهلة الأولى، خاصة إذا كان لدينا خلفية من التقليد المسيحي الذي يؤكد على سيادة الله. إذا كان كل شيء يحدث في حدود مشيئة الله الكاملة، فلماذا نُتعب أنفسنا ونصلي؟ لكن لو كنا نعرف ما هي مشيئة الله الكاملة، لأصبح هذا اعتراضًا بلا جواب.. لكننا لا نعرف. ومع ذلك، نحن نعرف أن الله دعانا للصلاة، وأن صلواتنا يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على العالم والناس الذين فيه.

كذلك هناك بعض الأمور عيّنها الله مسبقًا، لكن هناك أمور أخرى لم يعيّنها الله مسبقًا. هذه النوعية الأخيرة من الأمور هي التي نؤثر فيها من خلال الصلاة. كتب كل من جوردون لويس وبروس ديماريست: "رغم أن الصلاة لن تغيِّر في الأحداث التي عيّنها الله مسبقًا أن تتحقق بقوته الخاصة وبلا أي شروط، هناك جوانب كثيرة من حياتنا غير مقررة وغير محددة سلفًا... ورغم أن الصلاة التي تطلب من الله أن يعمل على عكس طبيعته أو مقاصده النافذة هي بلا جدوى، فإن توسلاتنا في أمور أخرى لها أهمية أبدية هائلة."[1].

 

أحيانًا نكون نحن العائق في الصلاة

بالرغم من صعوبة إثبات هذه الفكرة، في مواقف معينة نصبح نحن عائقًا في الصلاة. كيف؟ أحيانًا لا نصلي، وأحيانًا لا نصلي بإيمان، وأحيانًا نصلي بشكل خاطئ، وأحيانًا نصلي لأسباب خاطئة، أو نصلي لمجرد الاعتياد وليس عن قناعة.

في هذه الحالات، نحن نمثِّل المشكلة، وليس الله أو الحقائق الإلهية. نشكر الله أن هذه المشكلة يمكن تصحيحها على الفور إذا ما عدنا إلى المسار الصحيح في علاقتنا مع الله. وهذا يتضمن بذل جهد في النمو في نضوجنا الروحي، ويجب أن يتضمن أيضًا الرغبة في الحصول على فهم أفضل لله من خلال كلمته وكذلك من خلال علاقاتنا مع الآخرين.

كل "إشكالية" أو عائق في الصلاة نواجهه يجب أن نراه كتحدٍ يهدف إلى مزيد من الفهم لله ولأنفسنا بينما نسعى لحل هذه الإشكالية الظاهرية. هذا ليس شيئًا يمكن أن نفعله بمفردنا دائمًا، وإنما لابد أن نعتمد على أعضاء آخرين في جسد المسيح- الكنيسة، ليساعدونا في هذه الرحلة. بالمثل لابد أن نساعد الآخرين بقدر ما نستطيع.


[1] Gordon Lewis and Bruce Demarest, Integrative Theology, volume 2 (Zondervan, 1990). p. 111.

© 2019 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Originally published in English at focusonthefamily.com.

 


[1] Gordon Lewis and Bruce Demarest, Integrative Theology, volume 2 (Zondervan, 1990). p. 111.