Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

 بقلم: سامي يعقوب

للمزيد من هذه السلسلة:

هل يمكن أن تفهم احتياجاتها؟ ١       

هل يمكن أن تفهم احتياجاتها؟ ٢          

هل يمكن أن تفهم احتياجتها؟ ٣


 

    يا ترى لو كان عندنا «دليل» يصف احتياجات الزوجة التي لا تُعبر عنها، ويلخص ما يجب أن يفعله الرجل دون أن يُطلب منه كان ممكن يساعد؟

 للأسف لا أعتقد ذلك لسببين: الأول لأننا شعب لا يقرأ عادة «الكتالوج»، وأغلبنا يجرب تشغيل ما يشتريه من أجهزة قبل أن يطالع خطوات التركيب، وكيفية الاستعمال الصحيح.. والسبب الثاني، وهو الأهم، أنه لا توجد نمطية في الطريقة التي تعبر بها المرأة عن احتياجها للمساعدة؛ فكل منهن لها طريقتها المتفردة في التعبير عن نفسها في المواقف المختلفة. على أية حال، ما نشارك به في هذا الركن من أفكار هو لإثارة ذهن الرجل لكي يبادر باستكشاف أين يمكن أن يساعد في بيته، ويشجع زوجته على التعبير عن احتياجها لمساعدته؛ لأن اللبيب لا يفهم أحيانًا بالإشارة، أو "بيفهم وبيستعبط "!  «الفَطن من جهة أمر يجد خيرًا… الفطنة ينبوع حياة لصاحبها» (أمثال ١٦ : ٢٠، ٢٢). الفطنة في اللغة هي عكس الغفلة.. وكل فطنة علم، لكن ليس كل علم فطنة. أنت لست بحاجة لدرجة علمية لكي تكون متنبهًا لاحتياج زوجتك فتساعدها؛ فتجد الخير يملأ جوانب بيتك، ويصبح فهمك لها ينبوع حياة لأسرتك.. فقط لا تكن غافلاً!

    هل تساعد في الأعمال المنزلية؟ مع أن عقد الزواج لا يحدد المهام المنزلية لكلا الزوجين؛ فليس هناك مجال في الزواج المسيحي للقول: ”ده مش مسؤوليتي، ده شغل الست!“ حدثني صديق لي الأسبوع الماضي، وهو جد لتسعة أحفاد، أنه غير حفاضات لما أصبح جدًا أكثر بما لا يقارن مما فعل لما كان أبًا! وعندما سألته عن مشاعره وهو يفعل ذلك، أجابني بأنه أمر رائع، بغض النظر عن «ريحة المِسك طبعًا»! سواء كنت أبًا أو جدًا لا تدع فرصة تغيير الحفاضات تفوتك، حتى وإن لم يُطلب منك هذا.. طبق الملابس المغسولة وضعها في مكانها.. خذ كوب الشاي أو فنجان القهوة بعد أن تشرب لحوض المطبخ، واغسل الكام طبق الموجودين فيه.. لا تترك حذاءك وشرابك في الصالة وتتوقع أنها هي إللي لازم تدخلهم لمكانهم.. من فضلك تعود أن تنشف مية الحمام بعد استحمامك، ورتب سريرك بعد صحيانك. الكثيرون منا يرجعون متعبين بعد يوم عمل شاق، لكن من تجربتي المبادرة بمساعدة زوجتك بأداء بعض الأعمال المنزلية تخفف من شعورك بالتعب والإرهاق. جرب أن تساعد زوجتك دون أن تطلب منك، وستجد أن احترامها لك سيزداد بشكل غير عادي. تُرى أين يريدنا السيد المسيح أن نعيش عمليًا وصيته:  »إذا أراد أحد أن يكون أولاً فيكون آخر الكل وخادمًا للكل  «(مرقس ٩ : ٣٥)؟  الكثيرون خدام مع الغريبات وأسياد مع الزوجات!

    الزوجة مهما إن كانت قوة شخصيتها أو مركزها الاجتماعي تسعد بأن يكون الزوج قائدًا لها.. لكن هذا لا علاقة له بالقوانين الجامدة للسلوك التي يفرضها «الغضنفر» على قبيلته، ولا بقائمة الأوامر والنواهي التي يتحكم بها البعض في زوجته وأبنائه. قيادة أسرتك لا تعني أن تستخدم سلطانك بأنانية لراحتك الشخصية لأنك «شنبو باشا»! إذا أردت أن تعرف إن كنت قائدًا جيدًا لزوجتك أم لا، راقبها خلال الفترة القادمة ولاحظ إن كانت تسلك بشجاعة أو بخوف  ..   هل تخشى الفشل فلا تجرب الجديد حتى ولو كان وصفة لأكلة غير تقليدية؟ هل تشاركك التفكير في الأمور التي تهم حياتكما، وتشجعك بثقة على اتخاذ القرار الصحيح ولو انطوى على مغامرة بسيطة أو كبيرة، أم أنها في الواقع تابع سلبي لما يتخذه «سي السيد» من قرارات؟ القادة العظام هم مَنْ يمكنون الآخرين من استخدام مواهبهم، ويتيحون الفرصة لطاقتهم الكامنة لتنطلق، وتعمل بكل قوتها من أجل سعادة ونجاح مَنْ حولهم.

    في كرة القدم هناك استراحة بين الشوطين، وهكذا الأمر في كل الرياضات الأخرى هناك وقت لالتقاط الأنفاس.. زوجاتنا أيضًا يتمنين أن نفهم نحن الرجال حاجتهن إلى فرصة لالتقاط الأنفاس والراحة سواء بين أشواط العمل والخدمة اليومية أو الموسمية، وإن لم يعبرن عن ذلك. الثقافة السائدة في المجتمع تفرض توقعات مستحيلة على المرأة، وبالطبع زوجتك تعرف هذه التوقعات، والتي لابد أنها تضغط عليها بشكل أو آخر؛ فتجعلها تشعر أحيانًا بعدم الكفاءة، أو بالإرهاق لدرجة المرض بدون سبب عضوي. المشكلة أنك إذا لاحظت أنها على وشك الانهيار، وسألتها عما تشعر به، أغلب الظن ستجيبك بأنها على ما يرام!

    لقد تعلمت مع الوقت أن أتفهم عبء تلك التوقعات الذكورية والوثنية على المرأة؛ فتعاطفت مع زوجتي، ولم أتجاهل تأثيرها عليها وعلى زواجنا؛ فلم أتركها تعاني وكأن هذه المفاهيم المغلوطة جزء طبيعي من مسؤوليتها كزوجة وأم.. اجتهدت بقدر استطاعتي أن أتدخل في كل مرة شعرت فيها أنها تصارع بدنيًا أو نفسيًا لإنجاز أمر ما تثقلت به، وأصبح تقليدًا في أسرتنا أن تأخذ زوجتي حقها في استراحة «الهاف تايم».. فكنت ولازلت أعفيها من القيام ببعض المهام لأقوم بها نيابة عنها دون أن تطلب مني.. كما أنني أشجعها على الخروج من البيت للقاء أصدقائها، أو لقضاء بعض الوقت الخاص بها في البيت دون أن نزعجها بطلباتنا. وقد دعمت هذه الفطنة زواجي، ووجدتها ينبوعا متجددًا لسعادتنا.

    في علاقتي مع زوجتي، ومع الإقرار بوجود مشاكل الاختلافات الطبيعية بين أي زوجين من حين لآخر، حرصت أن أضع علاقتي مع الرب على قمة أولوياتي، ثم جعلت من تكريسي لزوجتي دون سواها من النساء أولوية زواجي.. فهي المرأة الوحيدة في حياتي جسديًا وفكريًا، لقناعتي أن تعدد الزوجات قد يحدث بالفكر وليس بالضرورة بالزواج من امرأة ثانية. وكل هذا لم يمنعني أن آخذ عملي وخدمتي مأخذ الجدية، بل ولم يحدث أبدًا أن فضلت اختيارًا أسهل على مغامرة أصعب بها أخدم أسرتي، فكنت بالنسبة لهم  بقدر ما استطعت حجر أساس للطمأنينة والشعور بالأمان ومنصة انطلاق لحياة ممتلئة هادفة.. وإن لم تصدقوني اسألوهم!

    عزيزي الزوج.. إن لم تعجبك هذه المشاركات، من غير زعل أنت في أشد الحاجة لمراجعة نفسك في ضوء ما تحويه من أفكار. أما إذا شعرت أنك على الطريق الصحيح فشارك الآخرين بخبرتك؛ لعل الخير يجد طريقه إلى بيوتهم، والفطنة تفيض بينبوع متجدد من البهجة والحب في بيوتهم. وإلى بقية الحديث في المرة القادمة..


نُشر بجريدة وطني بتاريخ ١٤ فبراير/ شُباط ٢٠١٦

Copyright © 2016 Focus on the Family Middle East. All rights reserved