Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

Nature and Nurture in Child Development

 

بقلم: جواني ديبرتو

المثير في موضوع الموروث والمكتسب في نضوج الأبناء أن كليهما يتأثران تأثرًا كبيرًا بالطريقة التي خلقنا الله عليها.


عندما يتعلق الأمر باكتشاف السمات الشخصية لأبنائنا، فنحن كوالدين نجلس في الصف الأمامي للجدال المستمر بين الموروث والمكتسب في نضوج أبنائنا. نحن نجد أمثلة عديدة لتأييد طرفي المناظرة.

 

الموروث والمكتسب في نضوج الأبناء

على سبيل المثال، هل لاحظت أن السمات الشخصية لأبنائك كانت مختلفة بين أحدهما الآخر عندما ولدوا؟ أو كانت ميول ابنتك مختلفة عن كلا والديها منذ أول يوم في حياتها؟ عندما ترى هذه الاختلافات في أبنائك منذ الولادة، يبدو هذا أنه يثبت أن السمات الشخصية متأصلة في طبيعة الإنسان؛ لأنك لا تقدر على تفسير هذه الاختلافات باعتبارها أحد أسباب التعرض لمؤثرات اجتماعية وثقافية.

على العكس، ربما لاحظت سمات شخصية في أبنائك يمكنك ربطها بخبراتهم الحياتية. هل ترى طفلك الذي كان سابقًا ناعمًا وقد أصبح منظمًا ومواظبًا على تعلُّم ركوب الخيل؟ هل تعتقد أن حدوث هذا بسبب أنه حضر معسكرًا، وتواصل مع أحد المدربين المسؤولين عن برنامج الفروسية؟ أم هل كانت ابنتك الخجولة قادرة على الخروج من تقوقعها عندما ساعدتها جدتها على صنع صداقات؟ أو ربما ابنك المراهق المتفائل الذي لا ينزعج أبدًا قد أصبح خائفًا وقلقًا ويقظًا بعد أن صار ضحية لجريمة ما.

 

المرونة العصبية

الشيء المثير عن الموروث والمكتسب في نضوج الأبناء أن كليهما يتأثران تأثرًا كبيرًا بالطريقة التي خلقنا الله عليها. وبرغم أن تشريح المخ، ووظائفه الحيوية، وتكويننا الـﭼيني يحددون الطباع التي نولد بها؛ فإن المخ لديه أيضًا القدرة على تشكيل توصيلات عصبية جديدة بغرض التعويض عن مشكلات حدثت بسبب إصابة أو مرض ما، وبغرض التأقلم على تغييرات جديدة في البيئة المحيطة.. هذه الظاهرة تُسمى ”المرونة العصبية“.

كذلك، فإن الدوبامين والسيروتونين، وهما موصلان عصبيان مهمان ويرتبطان بمشاعر الهدوء والسعادة، لديهما قدرة كبيرة على التأثير في حالاتنا المزاجية. التركيز المتعمَّد على بعض السلوكيات، مثل التعبير عن الامتنان، يثير إفراز الدوبامين والسيروتونين؛ ومِن ثَم يحسِّن الحالة المزاجية.

 

التوتر والصدمة

للأسف، قد يؤثر التوتر والصدمات على أسلوب تفاعلنا مع العالم المحيط بنا. لكن كوالدين إذا كنا نمارس التربية المتعمدة، سيصبح بوسعنا مساعدة أبنائنا على استخدام السمات الإيجابية في شخصياتهم ليتعافوا من الأحداث السلبية في حياتهم. وعن طريق تبني بعض أنماط الحياة والممارسات، بوسعنا أن نُعلم أبناءنا المواقف والسلوكيات التي تجعلهم أقوياء وأسوياء ومتمتعين بالمتانة النفسية. من هنا نرى فوائد الحديث عن كل من الموروث والمكتسب في نضوج الأبناء.

 

الموروث والمكتسب في نضوج الأبناء: أنماط التربية

في البداية، نقول إن عشرات السنوات من الدراسات البحثية توصلت إلى أن أفضل أنماط التربية هو النمط الإداري (المتوازن). والأطفال الذين تربوا على أيدي آباء وأمهات يجيدون هذا النمط الإداري عادة ما يتسمون بالاستقلالية، والاكتفاء الذاتي، ولديهم مهارات اجتماعية جيدة، ويمكنهم التأقلم بشكل جيد.

يمكن للوالدين أن يعتمدا على السمات الشخصية الإيجابية الموروثة، أو يستخدما أساليب التربية الإدارية مع أبنائهما ليكتسبوا نقاط القوة السابقة. هذا النمط يؤكد على وضع الحدود المعقولة بشأن السلوكيات، وكذلك التحلي بالحب والحنان واحترام الأبناء.

أما النمط المتسلط أو المتساهل في التربية، فالأول يضع قواعد صارمة، أما الثاني فيفتقر إلى الحدود. يناقش دانيال ورتا، نائب رئيس قسم التربية والنشء بمؤسسة Focus on the Family، في كتابه الجديد «السمات السبع للتربية الناجحة»، السمات الشخصية التي تتواءم وتنسجم مع النمط الإداري (المتوازن) في التربية، وهي: الحب، الاحترام، الحدود، التعمُّد، الامتنان، النعمة، الغفران، القدرة على التأقلم. عندما يحرص الآباء والأمهات على اقتناء هذه السمات، سواء كانت موروثة أو يجب تعلمها واكتسابها، فعلى الأرجح سيتأقلم الأبناء بشكل جيد، وسيكونون قادرين على مواجهة المشكلات والأزمات غير المتوقعة التي قد تواجههم.

 

الأصول الأربعون للنضوج

بالإضافة إلى ذلك، تتوافق الأصول الأربعون للنضوج التي صاغها معهد أبحاث Search Institute مع النمط الإداري المتوازن للتربية. هذه الأساسات البنائية تركز على الأساسات الخارجية التي توفر الدعم للأبناء، وكذلك الأساسات الداخلية التي في حالة اكتسابها تنشئ طفلاً سويًا ومهتمًا ومتحليًا بالمسؤولية.

هذه الأصول الأربعون تُرجمت لثلاثين لغة (منها العربية)، واستُخدمت في الولايات المتحدة (وفي مصر)، وأكثر من ٣٠ دولة أخرى. وبعد استطلاع رأي مع ٦ ملايين شخص حول العالم أكملوا التدريب على اكتساب هذه الأساسات البنائية، أظهرت الأبحاث التي استمرت لما يقرب من ربع قرن على وجود علاقات بين هذه الأصول واحتمالية أقل لحدوث السلوكيات الخطيرة، وكذلك قدر أكبر من الصحة الجيدة.

 

كان المسيح متوازنًا

في النهاية، نرى من خلال خدمة يسوع المسيح أن النمط الإداري المتوازن مفضلٌ عن الأنماط الأخرى. بينما كان المسيح يتحرك بين الناس، ويتقابل وجهًا لوجه مع إخفاقات البشر وصراعاتهم وآلامهم، كان يتجاوب دائمًا معهم بالنعمة أولاً ثم بالحق.

بكلمات أخرى، كان يبدأ بالحنان والحب، ثم ينتهي بوضع الحدود التي توجههم إلى احترام السلطان الإلهي. كذلك، توجد أدلة كثيرة جدًا على أن التربية المتوازنة هي الخيار الأفضل للآباء والأمهات الذين يريدون أن يساعدوا أطفالهم على أن يكونوا أسوياء ويتحلون بالمتانة النفسية.

 

ماذا عني؟

لكن كيف يُفترض بك أن تركز على اقتناء السمات السبع للتربية الناجحة والأصول الأربعين؟ لديك عملك الوظيفي وأنشطة الأبناء التي يجب متابعتها، كما أنك على وشك ”أن يفيض بك الكيل“ وأنت تحاول أن تجعل مزاج طفلك صاحب الثلاثة أعوام تحت السيطرة، ثم تحاول أن تقنع طفلتك التي على وشك المراهقة وهي تشعر بالخوف والخجل والقلق بأنها لن تموت إذا دخلت مدرستها الإعدادية.

ربما تكون قادرًا على التركيز في مساعدة أبنائك في جانب واحد أو اثنين وليس ٤٧ جانبًا! كيف تتعمَّد التعامل مع أبنائك بحيث يكتسبون سمات الشخصية التي ستعدهم للنجاح في الحياة وليس للفشل؟ كيف يُتاح لك الوقت لتركز على الموروث والمكتسب في نضوج أبنائك؟ حسنًا، بعض ممارسات التربية والتعديلات في المواقف من السهل جدًا تنفيذها وتؤثر بشكل هائل على صحة أبنائك.

 

ممارسات تربوية: التأديب الإيجابي في مقابل التأديب العقابي

كل الأطفال يحتاجون إلى الحدود والقيود لكي يستكشفوا العالم وفي نفس الوقت يظلوا آمنين. أما كيف يطبق الآباء والأمهات الحدود فقد يؤدي بالأطفال إلى التدريب الذاتي وصنع قرارات حكيمة، أو يؤدي بهم نحو الشعور بالخزي والذنب.. كل هذا يعتمد على هل ينوي الوالدان عندما يطبقان هذه الحدود تشجيع أبنائهما أم التحكم فيهم.


 

التأديب الإيجابي

القصد من وراء التأديب الإيجابي هو تعليم المبادئ عن العيش السوي، وتشجيع الصغار على استكشاف واكتشاف نقاط القوة والضعف لديهم، وأن يتحلوا بالمسؤولية تجاه أنفسهم واللطف تجاه الآخرين. وهذا يتحقق عن طريق:

- وضع الحدود المعقولة وتوصيلها للأبناء بمحبة.

- تطبيق تبعات تحترم أشخاصهم، وتهدف إلى مساعدة الأبناء لرؤية كيف سيؤثر انتهاك الحدود سلبيًا على حياتهم.

- إظهار النعمة والغفران عند تطبيق التبعات.

- وضع مكافآت تعزز السلوك الإيجابي.

 

التأديب العقابي

على النقيض، الغرض من وراء التأديب العقابي هو التحكم في الأبناء وجعلهم يتبعون القواعد. التهديدات بالعقاب تُستخدم كوسائل لتحفيز الالتزام بالحدود، والنتيجة هي أن الأطفال يشعرون في النهاية بالخزي من سلوكهم والذنب لأنهم أحبطوا بابا وماما.

 

ممارسات تربوية: التربية التي تركز على نقاط القوة - في مقابل التربية التي تركز على المشكلات

يوجد مبدأ بسيط جدًا يجب أن يعرفه كل الآباء والأمهات يتلخص في فكرة أن السلوك يسهل تعديله عندما يعزز الوالدان من السلوك الإيجابي. سمات الشخصية الجيدة على الأرجح ستُكتسب عندما نعززها، وسمات الشخصية السلبية على الأرجح ستختفي عندما لا نعززها. ولذلك، مرة أخرى، يمكن للوالدين أن يركزا في نضوج الطفل على ما ينتمي للفطرة والموروث وما ينتمي لما يُكتسب بالتنشئة؛ ويمكنهما تشجيع سمات الشخصية الإيجابية الموروثة، أو يمكنهما إحباط السمات الشخصية السلبية. كما أنه يمكنهما تعريض أطفالهما لخبرات تساعدهما على اكتساب سمات شخصية تجعلهم أسوياء ويتمتعون بالمتانة النفسية.

 

التربية التي تركز على نقاط القوة

عندما يحوِّل الآباء والأمهات تركيزهم نحو السعي والبحث عن نقاط القوة لدى أبنائهم وتطويرها، بدلاً من التركيز على المشكلات، ستزيد احتمالية أن ينضج وينجح الأبناء. وحتى يركز الآباء والأمهات أكثر على نقاط القوة، ربما يحتاجون إلى الآتي:

١- حدد نقاط القوة لدى كل طفل المتعلقة بالسلوك الإيجابي والسمات الإيجابية للشخصية.

٢- عبِّر عن امتنانك لهذه السلوكيات والسمات.

٣- قدِّم مكافآت قيمة للتصرف الجيد واستخدام السمات الإيجابية لمنفعة الآخرين.

٤- تعمَّد مساعدة الأبناء على استخدام نقاط القوة لديهم، وعلى مواصلة التصرف الحسن وتطوير السمات الإيجابية في شخصياتهم.

٥- تعمَّد إعادة توجيه السلوك السيئ وأن تبيِّن لأبنائك كيف تؤثر عليهم السمات الشخصية الموروثة أو المكتسبة تأثيرًا سلبيًا.

 

التربية التي تركز على المشكلات

ومع ذلك، في خضم التربية من السهل أن نتجاهل الأبناء عندما يتصرفون حسنًا، ولا نتجاوب معهم إلا عندما يسيئون التصرف. للأسف، عندما نفعل ذلك فإننا نعزز السلوك السلبي؛ لأن الاهتمام في حد ذاته هو نوع من التعزيز القوي للسلوك. كما يميل الوالدان إلى التركيز على محاولة تغيير أو التخلص من السمات غير المرغوبة لأطفالهم، وينسون تطوير السمات الأفضل لديهم. غير أننا نحتاج أن نفعل العكس.

 

التوجهات العامة: التفاؤل في مقابل التشاؤم

معظمنا يعرف الشخصية الكرتونية للدبدوب ”ويني“ وأصدقائه. وهناك شخصيتان من أصدقاء ويني تعبران عن التوجهين المتفائل والمتشائم. «نمور» هو المتفائل المطلق، يقفز هنا وهناك ويعيش حياته ”بهجة ومرح، بهجة ومرح، بهجة ومرح“. إنه موجود دائمًا ليُخرج الأفضل من كل موقف، ويشجع أصدقاءه ليفعلوا نفس الشيء. من ناحية أخرى، «حوّار» هو حمار كئيب يشكو دائمًا عن حال حياته، ويبدو أنه لا يرفع رأسه أبدًا ليرى الشمس المشرقة.

 

السمات الشخصية للأبناء

أحيانًا يلاحظ الوالدان هذه الميول في ابنهما الرضيع، أو حتى في سن المشي. بعض الأبناء يظهرون أنهم في حالة نشاط دائم، ويضحكون ويغنون ويتجاوبون في مرح مع محبيهم معظم الوقت. وبينما يحاولون تعلُّم مهارة جديدة، مهما كان قدر الفشل فلن يمنعهم من استمرار المحاولة حتى يتقنوها. في حين أن البعض الآخر من الأبناء خجولون ويحبطون بسهولة، وييأسون بعد محاولة أو محاولتين في تعلُّم الوقوف أو السير بضع خطوات. وبرغم أن هذا قد يرجع لطباع موروثة لدى الطفل، لكن التشاؤم يمكن أن يتحول إلى تفاؤل من خلال بعض التعاملات المتعمدة مع الطفل الخجول والخائف.

 

اكتسب توجهًا متفائلاً

لكن لماذا من المهم للأبناء أن يكتسبوا توجهًا متفائلاً؟ لأن مكاسب التفاؤل، كما قدمتها إليزابيث سكوت (٢٠٢٠) تُلخص هكذا:

- صحة أفضل.. عادة ما يحافظ المتفائلون على صحة جسمانية أفضل مقارنة بالمتشائمين.

- إنجاز أكبر.. وُجد أن الفرق الرياضية الأكثر تفاؤلاً تتمتع بتناغم وأداء أفضل أكثر من الفرق الرياضية المتشائمة.

- المثابرة.. عادة ما يحقق المتفائلون النجاح أكثر من المتشائمين لأنهم يثابرون في محاولاتهم لعمل شيء جديد.

- الصحة النفسية.. بالنسبة لمَنْ يعانون من الاكتئاب، ثبت أن التدريب المركز على التفاؤل يوفر المزيد من القدرة على التأقلم مع النكسات المستقبلية.

وبالتالي، في ضوء هذه المنافع الناتجة عن التفاؤل، من النافع فعلاً أن يقضي الوالدان وقتًا في تعمدهم لمساعدة أبنائهم على اكتساب توجهات متفائلة.

 

الفشل ليس سببًا للشعور بالهزيمة

من أولى الخطوات لتفعل هذا هو أن تعلِّم أطفالك أن الفشل هو جزء من الحياة، وأنه ليس سببًا للشعور بالهزيمة، وإنما هو فرصة لاكتشاف كيف يمكن تسيير الأمور بشكل مختلف للوصول في النهاية إلى النجاح. أو إذا كان النجاح مستبعدًا، يمكن استخدام الفشل لتشجيع الطفل على اكتساب القدرة على التأقلم بابتكار فكرة للنشاط أو الحدث الذي سينتهي على الأرجح بالفشل.

هذا يعلِّم الصغار ألا يهزمهم الفشل ويصيروا متشائمين. وإنما يتعلموا أن يكونوا متفائلين عن طريق البدء في التطلع إلى الأمام نحو النجاح المستقبلي. ومع كل انتصار على الفشل، فإنهم يكتسبون توجهًا متفائلاً. كما يحتاج الآباء والأمهات أن يهجروا الشعار القديم ”يمكنك أن تكون أي شيء تريده“؛ لأن هذا ببساطة غير صحيح.

 

مواهب مختلفة

كما يُعبَّر في رومية ١٢: ٤- ٦ «فَإِنَّهُ كَمَا فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ لَنَا أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ الأَعْضَاءِ لَهَا عَمَلٌ وَاحِدٌ، هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ. وَلكِنْ لَنَا مَوَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ النِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَنَا.»

من الوارد جدًا ألا تتماشى رغبات الطفل مع المواهب التي أودعها الله فيه. أحيانًا الأمر يحتاج لما هو أكثر من الإرادة المحضة لتنجح في جانب معين من الحياة.. فالطفل ببساطة قد لا يكون لديه القدرة على النجاح في مهارة ما لأسباب متعددة.

سمعنا كلنا عن أناس تغلبوا على صعوبات هائلة لينجحوا في رياضة ما، أو مهارة عقلية، أو أمور مالية. ومع ذلك، كل البشر لديهم نقائص معينة قد تجعل النجاح في بعض جوانب الحياة مستحيلاً. إذا لم نساعد أبناءنا على الاعتراف بهذه النقائص، فعلى الأرجح سيكتسبون روح التشاؤم. هذا قد يحدث عندما يختبرون فشلاً بعد الآخر، ولا يمكن بسهولة التغلب على هذا الفشل بمزيد من المحاولة.

 

قدِّم قدوة في التفاؤل

طريقة أخرى لتشجيع روح التفاؤل في الأبناء هو تقديم قدوة في ذلك. الأبناء يقلدون ما يسمعونه ويرونه أمامهم.. لذلك إذا كان الوالدان دائمي الشكوى، واستحضار الكآبة والأخبار السيئة، أو يتجاوبان مع الأحداث والأخطاء والأيام العصيبة التي تحدث في حياة الأبناء بتعليقات سلبية؛ فعادة ما يتعلَّم الأبناء أن هناك الكثير في الحياة يجب النظر إليه بالتشاؤم. هل يمكن أن ترى كم ستصير الحياة أفضل للأطفال الذين يتعلمون أن ينظروا إلى الجانب الإيجابي في العالم من حولهم؟

التركيز المتعمد على الامتنان يساعد أيضًا الأبناء على الانتقال من ملاحظة ما يجب أن يشعروا بالامتنان تجاهه إلى التعبير عن الشكر.. هذا يولِّد روح التفاؤل تجاه حياتهم ومحيطهم.

 

تربية طفل متشائم

ربما تكون أبًا أو أمًا متفائلاً بحق، ولكن أحد أبنائك متشائم جدًا. هذا قد يرجع إلى طباعه الموروثة المتفردة، كما أنه قد يرجع إلى تأثير الأقران الذين يقضي معهم الكثير من الوقت ويركزون على الجوانب السلبية في الحياة وعلى المشاعر السلبية. يمكنك مساعدة طفلك على تغيير هذه الميول بأن تسأله سؤالاً كلما قال شيئًا سلبيًا. السؤال هو: "هل يمكن أن يوجد شيء جيد في هذا الموقف؟ أو هل يمكن أن توجد فرصة لتعلُّم شيء جديد هنا؟"

لا أقول إن هذا سيحوِّل المتشائم إلى متفائل بين ليلة وضحاها، غير أنني رأيت أن تكرار مثل هذه الأسئلة يجعل الأطفال يفكرون بطريقة جديدة، كما أنهم يبدأون في التفكير في أمور أخرى غير نظرتهم السلبية للحياة. بمرور الوقت سيبدأ الأطفال في رؤية حياتهم من خلال منظور التفاؤل بدلاً من منظور التشاؤم.

 

التركيز على الآخرين في مقابل التركيز على الذات

من الطبيعي جدًا للرضع والأطفال الصغار أن يركزوا فقط على احتياجاتهم. إنهم بلا حيلة، ويحتاجون إلى الكثير من العون. لابد أن يعتمدوا على إخوتهم الأكبر سنًا، أو أشخاص بالغين، ليعيشوا كل يوم بأمان. ومع ذلك، بينما يصبح الأبناء أكثر استقلالية، فمن مصلحتهم أن تساعدهم على التركيز أكثر على مساعدة الآخرين أكثر من إشباع كل رغباتهم.

هذا لأنه لا أحد منا قادر على تحمل الأنانية لوقت طويل.. كلنا نحتاج لأشخاص آخرين ليساعدونا في الحياة. وإذا كنا نلح على أن تُسدد دائمًا احتياجاتنا قبل احتياجات الآخرين، في النهاية سنجد أنفسنا مستبعدين من الكثير من المجموعات والأنشطة.

 

ملكي أنا.. ملكي أنا

منذ سنوات كثيرة، جاءتني أم تعيش بدون زوجها لتحصل على مساعدة مني للتعامل مع ابنيها التوأمين.. وقد كانا في عمر الثالثة، وطُردا من ثلاث حضانات. كان شعارهما الأساسي هو ”ملكي أنا، أنا، أنا“، وكان أسلوبهما في الزن على الأطفال الآخرين ليحصلا على ما يريدانه غير محتمل بالنسبة للمعلمين والأطفال الآخرين.

وبعد مقابلة هذه الأم وابنيها، توقعت أن سبب ”التركيز على الذات“ لدى التوأمين أنهما يتشاجران على كل دُمية، أو حلوى، أو اهتمام أمهما. لذا عملنا معًا على شيئين: الأول، اقترحت مكافأة لكل صبي عندما يفعل شيئًا من أجل أخيه. الأمر الثاني ابتكرنا أنشطة تتطلب منهما العمل معًا لتحقيق النجاح.. فإذا أراد روبي وتود الذهاب إلى الحديقة، كان عليهما أن يساعد أحدهما الآخر، أو ينظفا معًا حجرة اللعب أولاً. كان على الصبيين أن يتشاركا ويساعد أحدهما الآخر.

 

ساعد الأبناء على الاهتمام بالغير

الأمر يسهل فهمه حقًا.. سيستمر الأطفال في فعل الشيء الذي يحصلون على مكافأة عليه؛ لذا إذا حصلوا على مكاسب إيجابية من وراء مساعدة الآخرين، فمن الطبيعي أن يصبحوا أكثر ”تركيزًا على الآخر“.

وكذلك، إذا حصلوا على ما يريدون عندما يركزون على ذواتهم، فإنهم سيستمرون في التمحور حول ذواتهم. الأطفال الذين يركزون على الآخرين يكتسبون فضيلة تُسمى ”الإيثار“. هذه الفضيلة يشجعها الكتاب المقدس في مواضع كثيرة جدًا.. الله يدعونا لنخدم أحدنا الآخر، ولنضحي من أجل أحبائنا، كما أنه يدعونا لنعطي مما لدينا للآخرين المحتاجين.

يناقش دانيال ورتا في كتابه «السمات السبع للتربية الناجحة» احتياج الأطفال لاكتساب فضيلة ”الإيثار“ لكي يزدهروا وينجحوا في الحياة. ويشير إلى هذا ب"عقلية المساهمين“ في مقابل "عقلية المستهلكين“. المساهمون يتعمدون خدمة الآخرين، بينما المستهلكون يأخذون من الآخرين لكي يحصلوا على مكاسب لأنفسهم.

”منذ البدء أراد الله أن نكون مساهمين في قصة ملكوته وليس مستهلكين. في اللحظة التي اختار آدم وحواء فيها أن يستهلكا الثمرة بدافع من عدم الثقة، أصبحنا مستهلكين في جنة تحتاج إلى مساهمين. عندما نساهم في حياة أطفالنا من خلال تربيتنا لهم، فنحن نقودهم نحو أن يصبحوا مساهمين هم أيضًا للآخرين، وللعائلة، والمجتمع، وبذلك يكملون دورهم في قصة ملكوت الله.“ (داني ورتا- السمات السبع للتربية الناجحة)

 

التربية المتعمدة هي السر

الأطفال يأتون إلى هذا العالم بنقاط قوة وضعف في شخصياتهم.. بعضها يمكنهم تغييرها، والبعض الآخر لا يمكنهم تغييرها. وبالتربية المتعمدة والتركيز على الموروث والمكتسب في نضوج الأبناء، يستطيع الآباء والأمهات مساعدة أبنائهم على استثمار نقاط القوة لديهم، وتحسين نقاط الضعف، وإيجاد طرق للنجاح في التأقلم مع التحديات التي يواجهونها في حياتهم.

 

 

© 2021 Focus on the Family. All rights reserved. Used with permission. Originally published in English at focusonthefamily.com.

 

 

 

 

 

 

 

 التربية المقدسة بالطول