Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 

في مدرسة تربية الابناء ٦ inside 

بقلم: سامي يعقوب

      للمزيد من هذه السلسلة:

               في مدرسة تربية الأبناء ١       في مدرسة تربية الأبناء ٢        في مدرسة تربية الأبناء ٣

                         في مدرسة تربية الأبناء ٤             في مدرسة تربية الأبناء ٥            في مدرسة تربية الأبناء ٦

 

       أبناؤنا في طريقهم إلى مستقبل لا نعرف أبعاده، وإعدادهم للنجاح في هذا المستقبل يتطلب منا تعليمهم من صغرهم فن التواصل الإيجابي، والقدرة على التعامل مع مختلف أنواع الشخصيات، ذلك إلى جانب اهتمامنا بتحصيلهم العلمي مما يدرسونه في المناهج المدرسية.

       كيفية المشاركة الإيجابية في المناقشات، واتخاذ القرارات، وصنع الاختيارات عند اشتراكهم مع الآخرين في حوار أو نشاط ما؛ سواء في البيت، أو المدرسة، أو الجامعة، أو في مكان العمل، من أهم مهارات القرن الحادي والعشرين.. فمهارات التواصل والتفاعل الإيجابي مع الآخرين أصبحت عاملاً حاسمًا في اختيار الأشخاص في المواقع المتميزة للوظائف في سوق العمل اليوم. بالمناسبة، يندر أن تُدرس هذه المهارات في المدارس، مما خلق فجوة متزايدة بين ما تنتجه المدارس والجامعات وما يحتاجه سوق العمل في مختلف المجالات.

       ولأن أبناء اليوم لا يتعلمون بالإملاء؛ فنحن لا نستطيع أن نقول لهم ما يجب أن يفعلوه، لكننا نستطيع أن نتيح لهم فرصة المشاركة بأفكارهم، وإشراكهم معنا لإيجاد الحلول المناسبة لما قد نواجهه كأسرة من تحديات المعيشة اليومية. عندما نعلم أبناءنا كيفية التحدث مع مختلف الأعمار والشخصيات، وكذلك متى يتكلمون ومتى يسكتون، فإننا نمنحهم فرصة أن يكونوا أكثر قبولاً في عالم اليوم عندما يُعبرون عن أنفسهم ومشاعرهم. ولعل التفاعل بين أعضاء الأسرة هو المجال الأول الذي يتعلم فيه الأبناء مهارات التعاون والعمل بروح الفريق مع الآخرين أينما يوجدون. أيضًا فرص اللعب الجماعي مع الأصدقاء تتيح لهم تطوير قدراتهم على التواصل، والإصغاء الفعال للآخرين، وممارسة مهارات التفاوض مبكرًا.

       أما الجانب الأبعد من التفاعل فهو تعليم الأبناء أنه قد يكون لبعض الأمور أكثر من وجهة نظر، ويساعدهم على قبول هذه الحقيقة أن نطلب منهم أن يضع الواحد نفسه في موقف الآخر ليتعلم التعاطف مع ظروف الآخرين، ويكون على استعداد لتقديم العون والتشجيع لهم من واقع تفهُّم مشاعرهم وظروفهم.

       (١) علِّم أبناءك فن الحوار.. لا تخلو جميع مجالات الحياة من الحوارات، وتعليم أبنائنا هذه المهارة ليس بالأمر الصعب. نحن فقط نحتاج أن نوعيهم ببعض مبادئ الحوار البنَّاء، ثم ندعهم يبنون على ما نعلمهم ليطوروا مقدراتهم بأنفسهم.. ناقش مع أبنائك كيف يتجاوبون عندما يوافقون أو لا يتفقون مع ما يقوله زملاؤهم عندما يجمعهم حوار معهم: "عندما توافق على فكرة أو اقتراح ما أعطِ سببًا لموافقتك، وافعل نفس الشيء عندما لا توافق.. عندما لا تتفق في الرأي مع أحدهم لا تهدم ما يقوله، بل اقترح فكرة بديلة." من الجيد أن نعلم أبناءنا ألا يتسيدوا الأحاديث بآرائهم، وأن يتيحوا الفرصة للآخرين ليُثروا الحوار بمشاركاتهم. شجعهم أن يعبروا دائمًا عن تقديرهم لما يقوله الآخر من أفكار، وإذا أرادوا استيضاح ما يقوله ليطلبوا منه أن يشرح رأيه بكلمات أخرى. «ليَكُنْ كلامُكُم دائِمًا لَطيفًا مَليحًا، فتَعرِفوا كيفَ يَجبُ أنْ تُجيبوا كُلّ إنسانٍ» (كولوسي ٤: ٦).

       (٢) علم أبناءك فن الاستماع.. المستمعون الجيدون يحظون بالتقدير دائمًا، لكنهم نادرون في ثقافتنا. شجع أبناءك على تطوير عادة الاستماع للآخرين دون مقاطعة، وأن ينظروا مباشرة إلى أعين محدثيهم؛ لأن هذا يُظهر الاهتمام بهم. علمهم أن ينتظروا حتى يستمعوا لآراء الآخرين قبل أن يتكلموا؛ فهذا يتيح لهم فرصة تقييم مدى عمق أفكارهم قبل أن يشاركوا بها؛ "علشان ما يسمعوش حد يقولهم: نورت المحكمة يا شاطر!" ضبط النفس (أو الفم) يساعد على تركيز الانتباه لما نسمعه! انصح ابنك وابنتك أن ينتظرا حتى يتحدث ثلاثة أشخاص على الأقل قبل أن يبادرا بالحديث، وهذا يعني ببساطة أنه قبل أن يتكلم الواحد منهم مرة أخرى عليه أن ينتظر مشاركة ثلاثة آخرين أولاً. «ليَكُنْ كُلّ واحدٍ مِنكُم سريعًا إلى الاستِماعِ بَطيئًا عَنِ الكلامِ» (يعقوب ١: ١٩). 

الاباء وتشكيل الشخصية ١

       (٣) علم أبناءك فن طرح الأسئلة.. هذه مهارة قد لا يهتم الكثيرون بتدريب أبنائهم على تطويرها، مع أنها ضرورية للتواصل الفعال مع الآخرين في مجالات الدراسة والعمل، وفي الحياة الأسرية أيضًا. الشخص الذي لا يسأل أبدًا إما أنه "يعرف كل شيء"، أو لا يعرف شيئًا. تُرى ما نوع الأسئلة التي تثير الاهتمام، وتشحذ الذهن على التفكير؟ إنها الأسئلة التي لا يوجد لها إجابة نموذجية، والنابعة عن تفكير عميق (غير سطحية)، والتي تكون جريئة أحيانًا، وغير هجومية دائمًا. علم أبناءك ألا يسألوا بطريقة تجعل الآخر يشعر بأنهم يستجوبونه.

       تعليم الأبناء فن طرح الأسئلة لا يعني فقط أن يعرفوا كيف يصيغون أسئلتهم بحيث يحصلون على إجابة واضحة، ولكن الأهم أن يعرفوا ما الذي يجب أن يسألوا عنه. "إذا كان لديّ ساعة واحدة لحل مشكلة ما، واعتمدت حياتي على الحل، فسوف أقضي أول ٥٥ دقيقة في تحديد السؤال المناسب الذي يجب طرحه؛ لأني في اللحظة التي أعرف فيها السؤال المناسب، يمكنني حل المشكلة في أقل من خمس دقائق!" (ألبرت أينشتاين).

       (٤) علم أبناءك فن التفاوض.. أصحاب الصوت المرتفع في أغلب الأحيان لا يملكون الحجة، والصوت المرتفع لا يعني القدرة على إقناع الآخرين بأي شيء. المفاوض الجيد يستمع جيدًا، ويشير في حديثه إلى الأفكار المشتركة، والأمور المتفق عليها. ذكّر أبناءك أنه عندما يتفاوضون مع الآخرين للوصول إلى اتفاق حول أمر معنوي أو مادي ألا يعتمدوا على فهمهم وقدراتهم على الإقناع، لأن الاتكال على الرب هو الذي يقود للنجاح، ويضمن الوصول للهدف من التفاوض. ثلاثة مبادئ يمكن أن نعلمها لأبنائنا عن التفاوض: أولهم أن يلاحظوا نزاهة واستقامة دوافعهم.. «لا تتسرع بتوجيه التهم لئلا فيما بعد يهزمك خصمك» (أمثال ٢٥: ٨)، وأن يحرصوا على كسب صداقات لا تكوين عداوات.. «سالموا جميع الناس إن أمكن، على قدر طاقتكم» (رومية ١٢: ١٨).. وأن يمارسوا الصبر والمرونة حتى لا يغضبوا فيفقدوا حقهم فيما يتفاوضون من أجله.. «طول البال خير من تكبر الروح. لا تسرع إلى الغضب؛ فالغضب يكمن في صدور الجهال» (جامعة ٨: ٧ - ٨).


(نُشر بجريدة وطني بتاريخ ١٥ سبتمبر/ تشرين الاول ٢٠١٩)

 

.Copyright © 2019 Focus on the Family Middle East. All rights reserved

 

 

 

 

 

 

 

قصة الرب يسوع في كل الكتاب المقدس بالطول