Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to TwitterSubmit to LinkedIn

 في مدرسة تربية الابناء ٣ inside

بقلم: سامي يعقوب

     للمزيد من هذه السلسلة:

                 في مدرسة تربية الأبناء ١                في مدرسة تربية الأبناء ٢         في مدرسة تربية الأبناء ٣

                  في مدرسة تربية الأبناء ٤               في مدرسة تربية الأبناء ٥         في مدرسة تربية الأبناء ٦

      

الاحترام هو أحد أكثر الأساليب غير المنطوقة التي تعبر لأبنائنا عن محبتنا لهم، وثقتنا فيهم. تعليم الأبناء معنى الاحترام يحتاج لقلب كبير بما فيه الكفاية لأن نحبهم بدون قيد أو شرط، ولعقل واسع بما فيه الكفاية لقبول وتقدير الاختلافات التي تجعل كل واحد منهم شخصًا فريدًا في حد ذاته.

       في الجو الأسري الذي يسوده الاحترام والقبول غير المشروط، تتوفر لنا فرص متجددة لتعليم أبنائنا قيم الحياة الأخرى التي تكسبهم المزيد من احترامهم لأنفسهم، واحترام الناس لهم.. ربما من أهم ما كبر ابناي يسمعانه مني منذ صغرهما هو أنه لا أحد يمكنه أن يسلب الإنسان احترامه لنفسه ما لم يفرط هو فيه! ومن هنا نستكمل الحديث عما يعنيه الاحترام في بناء شخصية الأبناء.      

      (٦) استمع لهم.. الاستماع من أهم ما يعبر عن الاحترام للآخر. استمع لأبنائك بصبر حتى تفهم ما يقولونه؛ فلا تنفعل بلا سبب، أو تهبط عليهم بآرائك ونصائحك قبل أن يكملوا هم ما يريدون أن يشاركوك به. استمع إلى ما وراء الكلمات لتعرف الرسالة التي يريد الابن أو الابنة توصيلها لك. المقدرة على قراءة ما بين السطور في حديث الأبناء تتطلب منا وعيًا وتركيزًا أبعد من مجرد الاستماع العابر لما نظنه مجرد ثرثرة منهم بكلمات لا معنى لها. بينما تستمع لهم انظر مباشرة إلى أعينهم؛ فهذا يطمئنهم، فيكونون أكثر راحة للتحدث معك بلا تحفظ.

)    ٧ (احترم خصوصيتهم.. مع تقدم الأبناء في العمر نجدهم يحتاجون إلى مزيد من الخصوصية. والسؤال الذي لابد أن نقف أمامه بالتفكير كوالدين إن كنا نريد حقًا التعامل باحترام مع أبنائنا: "هل وجودهم معنا تحت سقف بيت واحد يعطينا الحق أن نقتحم غرفهم فجأة، ونفتش في جيوبهم وحقائبهم، ونختلس الفرص لنقرأ الرسائل التي يرسلونها أو يستقبلونها من أصحابهم على الموبايل، أو نتلصص على أحاديثهم مع أصدقائهم الذين جاءوا لزيارتهم؟" بالطبع هذا ليس مقبولاً أبدًا.. إلا إذا شعرنا أن الأمر خطير جدًا، ويتعلق بسلامتهم، وصحتهم، أو مستقبلهم. في هذه الحالة لنتكلم معهم مباشرة عن الأمر بدلاً من أن ننتهك خصوصياتهم؛ فالأب والأم من حقهما أن يعرفا ماذا يجري في حياة أبنائهما.

       لا أعتقد أننا بحاجة لتقمص دور "شرلوك هولمز"، بطل القصص البوليسية، لنكشف سر أمر نراه غامضًا في سلوك أبنائنا، أو لنمسك بأحدهم متلبسًا بفعل ما؛ فهذا يفقدنا احترامهم، وإن لم يعبر بعضهم عن ضيقهم أو غضبهم لافتقادهم لثقتنا فيهم، واقتحام حياتهم بلا مبرر.

       المشكلة هنا هي تعريف حدود الثقة المتوقعة بين الوالدين والأبناء. فمن جانب لابد أن نقبل حقيقة أن حرص أبنائنا على خصوصيتهم لا يعني تمردهم علينا في شيء، لكنها الطريقة التي يعبرون بها عن احتياجهم للشعور بالاستقلالية؛ ببساطة لأنهم ليسوا أطفالاً بعد. تحدث مع أبنائك من حين لآخر عن مقدار الخصوصية التي يريدونها، وأيضًا عن تلك المسموح بها لهم ما داموا يعيشون معنا. الكثير من الخصوصية ضار تمامًا مثل القليل منها! في النهاية، لابد من الإقرار بأن احترام الخصوصية هي الطرف الآخر في معادلة الثقة.

الحديث عن الجنس مع الابناء

       (٨) احترم آدمية الآخرين.. في عالم متنمر لا يُقدر إلا القوة والجمال والغنى، يحتاج أبناؤنا لأن يروا فينا نموذجًا عمليًا يحترم كل إنسان أيًا كان أصله أو شكله، غناه أو فقره، مقدراته العقلية أو بساطة تفكيره، سواء كان جامعًا للقمامة، أو يشغل مركزًا مرموقًا. عندما يرى أبناؤنا كيف نتعامل مع الآخرين من واقع أن كل إنسان يستحق الاحترام، هذا يؤكد احترامهم لأنفسهم ولآدميتهم.

       في الحقيقة نحن جميعًا متساوون وإن كنا مختلفين.. متشابهون لكن لن نكون أبدًا متماثلين.. نحن لا نشترك في فصيلة دم واحدة، لكننا نشترك في الهواء الذي يبقينا على قيد الحياة. من أجل ذلك، لنعلِّم أبناءنا ألا يسخروا من ضعفات الآخرين، أو عجزهم عن إنجاز ما يسهل عليهم هم إنجازه بدون أي مجهود. شجعهم باستمرار عندما ينظرون للحياة من حولهم ألا يستهينوا بكفاح الناس من أجل أن يعيشوا، ويوفروا لقمة عيش لمن يعولونهم. هذا النوع من الاحترام لآدمية البشر لا يُكتسب بقراءة كتاب أو الاستماع لمحاضرة عنه في ندوة ما، بل يولد في الأبناء بمعايشتهم لنموذج عملي لأسلوب حياة يعبر عن الاحترام للخالق باحترام المخلوق.

      (٩) احترم شريك حياتك.. مع أننا جميعًا نعرف أن العلاقات الأسرية القوية مبنية على الاحترام المتبادل بين الزوجين؛ مع ذلك لا نحرص كلنا على توصيل رسائل احترام لشركاء حياتنا كل يوم، وأغلبنا لا يضع في اعتباره أن هناك مَنْ يراقب مدى الاحترام الذي نبديه بثبات كزوجين لبعضنا البعض، مع أن لهذا تأثيرًا حاسمًا في جعل الأبناء يشعرون بالأمان والمحبة.

       غياب الاحترام بين الزوجين لا يؤلم الأبناء فقط، لكنه يدمر قيمة الاحترام لديهم، ويهز ثقتهم في أنفسهم وفي الآخرين. عندما يرانا أبناؤنا أوفياء لعهود زواجنا، وكيف نعبر عمليًا عن التزامنا بهذه العهود بالاحترام المتبادل بيننا، سواء في حضورنا معًا أو في غياب أحدنا، فإن ذلك يغرس فيهم الاحترام الذي سينمو معهم ليعايشوه مع شركاء حياتهم في المستقبل. احترامك لشريك حياتك يجعل أبناءك يحترمونك أكثر، ويجعل حياتك العائلية أكثر انسجامًا وإمتاعًا.

       «هنيئًا لمن يتقي الرب ويسلك في طرقه... مثل كرمة مثمرة تكون امرأتك في جوانب بيتك، ومثل أغراس الزيتون يكون بنوك حول مائدتك.. هكذا يُبارك الرب الذين يتقونه» (مزمور ١٢٨: ١- ٤).


 (نُشر بجريدة وطني بتاريخ ٢١ يوليو/ تموز ٢٠١٩)

Copyright © 2019 Focus on the Family Middle East. All rights reserved.

 

 

 

 

 

 

 

قصة الرب يسوع في كل الكتاب المقدس بالطول